فضل المدينة كما ورد في أحاديث ساكنها عليه الصلاة والسلام
أولاً: المدينة تأكل القرى:
• عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : (( أمرت بقَرْيَةٍ تأكلُ القُرى ، يقولون يثربَ وهى المدينة ، تنفى النَّاس كما ينفى الكِيرُ خبثَ الحديد )) .
والمعنى: أمرت بالهجرة إليها واستيطانها
أما قوله صلى الله عليه وسلم "تأكل القرى" فتفسيره على وجهين :
أحدهما أنها مركز جيوش الإسلام فى أول الأمر ، فمنها فتحت القرى وغنمت أموالها وسباياها . والثانى أن أكلها وميرتها من القرى المفتتحة وإليها تُساق غنائمُها .
وقـال الـزرقانى فى (( شرح الموطأ )) في قوله (( تأكلُ القُرى )) أى تغلبها وتظهر عليها
يعنى أن أهلها تغلبُ أهلَ سائر البلاد فتفتحُ منها ، يقال : أكلنا بنى فلان أى غلبناهم وظهرنا عليهم ، فإن الغالب المستولى على الشئ كالمفنى له إفناء الآكل إياه .
وفـى ((موطأ ابن وهبٍ)) : قلت لمالك : ما تأكل القرى ؟ قال : تفتح القرى ، لأنه مـن المدينة افتتحت القرى كلها بالإسلام .
قال السهيلى : فى التوراة (( يـقول اللَّه : يا طابة يا مسكينة إنِّى سأرفع أجاجـيرك على أجاجير القرى )) ، وهـو قـريـب من (( تأكل القرى )) ، لأنها إذا علت عليها علو الغلبة أكلتها ، ويــكون المراد يأكلُ فضلُها الفضائلَ ، أى يغلبُ فـضلُها الفضائلَ ، حتى إذا قيست بفضلها تلاشت بالنسبة إليها وجاء فى مكَّـة أنها (( أم القرى )) ، لكنْ المذكورُ للمدينـة أبلغُ من الأمومــة ؛ إذ لا يمحى بوجودها وجود ما هى أمٌ له ، لكـنْ يـكون حـقُّ الأمومة أظهر.
ومعنى تأكل الـقـرى من الفضـائـل تضمحل فى جنب عظيم فضلها حتى يكون عدماً ، وما تضمحل له الفضائل أفضل وأعـظم مـما تبـقى معه الفضائل .
ثانياً: من أراد المينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح:
• عن أبى هريرة قال : قال أبو القاسم صلَّى الله عليه وسـلَّم : (( من أراد أهلَ هذه البلدةِ بسُوءٍ ـ يعنى المدينةَ ـ أذابَه اللهُ كما يذوبُ الملحُ فى الماءِ )) .
ثالثاُ: من أخاف أهلها عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين:
عن السائب بن خلاد عن النَّبىِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : (( من أخافَ أهلَ المدينةِ ظلماً أخافَه اللهُ ، وعليه لعنةُ اللَّهِ والملائكةِ والنَّاس أجمعين ، لا يقبلُ اللهُ منه صرفاً ولا عدلاً )) .
رابعاً: لا يدخلها الطاعون:
• عن أبى هريرة قال : قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم : (( على أنقابِ المدينةِ ملائـكةٌ ، لا يدخلُها الطاعونُ ولا الدجالُ )) .
خامساً: لا يدخلها رعب المسيح الدجال:
• عن أبى بـكرة عن النَّبـىِّ صلَّى الله عليه وسـلَّم قـال : ((لا يدخل المدينةَ رُعْبُ المسيحِ الدجالِ لها يومئذٍ سبْعةُ أبوابٍ على كلِّ بابٍ ملكان )) .
سادساً: المدينة ترتجف بأهلها فيخرج الله منها كل كافر ومنافق:
• عن أنس عن النَّبىِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : (( ليسَ من بلدٍ إلا سيطؤُه الدجالُ إلا مكَّـةَ والمدينةَ ، ليسَ لـه من نِقابها نقبٌ إلا عليه الملائكةُ صافِّين يحرسونها ، ثمَّ تــرجفُ المدينةُ بأهلها ثلاثَ رجفاتٍ فيُـخْرجُ اللَّهُ كلَّ كافرٍ ومنافقٍ )) .
سادساً:يخرج من المدينة هو خير الناس يومئذٍ ليكشف الدجال أمام الناس:
• عن أبى سعيدٍ الخدرى قال : حدَّثنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حديثاً طويلاً عن الدجال ، فكان فيما حدَّثنا به أن قال : (( يـأتى الدجالُ ، وهو محرمٌ عليه أن يدخلَ نقابَ المدينةِ ، بعضَ السباخ التى بالمدينة ، فيخرجُ عليه يومئذٍ رجلٌ هو خير النَّاس أو من خير النَّاس ، فيقول : أشهد أنَّك الدجالُ الَّذى حدَّثنا عنك رسـول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حديثه ، فيقول الدجالُ : أرأيتَم إنْ قتلتُ هذا ثمَّ أحييتُهُ ؛ هل تشكُّون فى الأمر ؟ ، فيقولون : لا ، فيقتُلُهُ ثمَّ يحْييه فيقولُ حين يحْييه : والله ما كنتُ قطُّ أشدَّ بصيرةً منِّى اليوم ، فيقول الدجال : أقتله ، فلا يُسلِّطُ عليه )) .
سابعاً:المسيح الدجال يقر بحرمة المدينة :
عن فاطمة بنت قيسٍ قالت : صليتُ مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، فكنتُ فى صفِّ النساء الَّتى تلى ظهور القوم ، فلمَّا قضى صلاتَه جلس على المنبر ، وهو يضحك ، فقال : (( ليلزمْ كلُّ إنسانٍ مصلاه )) ، ثمَّ قال : (( أتدرون لم جمعـتكم )) ، قالوا : اللهُ ورسولُه أعلم قال : (( إنَّى والله ما جمعتكم لرغبةٍ ولا لرهبةٍ ، ولكنْ جمعتكم لأنَّ تميماً الدارىَّ كان رجلاً نصرانياً ، فجاء فبايع وأسلم ، وحدَّثنى حديثاً وافق الذى كنتُ أحدِّثكم عن مسيح الدجال . حدَّثنى أنَّه ركبَ فى سفينةٍ بحريةٍ مع ثلاثين رجــلاً من لخمٍ وجذامٍ ، فلعب بهم الموجُ شهراً فى البحرِ ، ثمَّ أرفؤا إلى جزيرةٍ فى البحر حتَّى مغرب الشمس ، واقتصَ الحديث إلى أن قال :
(( وإنِّى مُخْبرُكُمْ عـنِّى ، إنِّى أنا المسيـح ، وإنِّى أوشكُ أن يُؤذنَ لى فى الخروج ، فأخرجُ فى الأرض ، فلا أدعُ قريةً إلا هبطتُها فى أربعين ليلةً غير مكَّـة وطَيْبَة ، فهما محرمتان علىَّ كلتاهما ، كلما أردتُ أن أدخل واحدةً منهما استقبلنى مَلَكٌ بيده السيفُ صَلْتاً ، يصدُّنى عنها ، وإنَّ على كلِّ نقبٍ منها ملائكةٌ يحرسونها )) .
قالت : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ـ وطعن بمخصرته فى المنبر ـ : (( هذه طيْبَةُ . هذه طيْـبَةُ . هذه طيْـبَةُ ـ يعنى المدينة ـ )) .