وقفت متعجبة منها كيف حازت على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أعلن حبها أمام
الجميع وكان يمدحها بل كان يتحدث بفضلها وطلب التطبب عندها ومات بين سحرها ونحرها ودفن
في حجرتها........
فكان حقاً للنبي صلى الله
عليه وسلم أن يحبها وكان حقاً لها أن تفتخر بحبه صلى الله عليه وسلم فهي بنت أحب الرجال إلى
النبي صلى الله عليه وسلم وهي المبرأة من فوق سبع سموات هي الصدّيقة بنت الصدّيق
وقد عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة ببضعة عشر شهراً وهي بنت ست
سنوات ، ودخل بها في شوّال من السنة الثانية للهجرة وهي بنت تسع سنوات وكان صداقها متاع
بيت قيمته خمسون أو حوالي خمسين ومات عنها وهي ابنة ثمانية عشر .
وقبل الزواج بها رآها النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام ، فقد جاءه جبريل عليه السلام وهو
يحمل صورتها إليه ويقول له : ( هذه زوجتك في الدنيا والآخرة ) رواه الترمذي وأصله في
الصحيحين ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم من النساء بكراً غيرها ، وهو شرفٌ استأثرت به على
سائرالنساء ...وكان لعائشة رضي الله عنها منزلة خاصة في قلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم –لم تكن
لسواها ، حتى إنّه لم يكن يخفي حبّها عن أحد، وبلغ من حبّه لها أنه كان يشرب من الموضع الذي
تشرب منه ، ويأكل من المكان الذي تأكل منه ، وعندما سأله عمرو بن العاص رضي الله عنه : "
أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ " ، قال له : عائشة ) متفق عليه ، وكان النبي – صلى الله
عليه وسلم – يداعبها ويمازحها ، و سابقها في بعض الغزوات .
وقد روت عائشة رضي الله عنها ما يدلّ على ملاطفة النبي – صلى الله عليه وسلم – لها فقالت:
( والله لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم على باب حجرتي ، والحبشة يلعبون
بالحراب ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم من بين أذنه
وعاتقه ، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف ) رواه أحمد .
و لقد كنّاها النبي صلى الله عليه وسلم بأم عبد الله ولعلم الناس بمكانة عائشة من رسول الله –
صلى الله عليه وسلم - كانوا يتحرّون اليوم الذي يكون فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – عندها
دون سائر الأيّام ليقدّموا هداياهم وعطاياهم ، كما جاء في الصحيحين.
،,
ومن محبتّه – صلى الله عليه وسلم – لها استئذانه لنساءه في أن يبقى عندها في مرضه الذي تُوفّي
فيه لتقوم برعايته ومما اشتهرت به عائشة رضي الله عنها غيرتها الشديدة على النبي – صلى الله
عليه وسلم - ، التي كانت دليلاً صادقاً وبرهاناً ساطعاً على شدّة محبّتها له ، وقد عبّرت عن ذلك
بقولها له : " وما لي لا يغار مثلي على مثلك ؟ " رواه مسلم .
وفي يومٍ من الأيّام كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندها ، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين
بوعاء فيه طعام ، فقامت عائشة رضي الله عنها إلى الوعاء فكسرته ، فجعل النبي - صلى الله عليه
وسلم - يجمع الطعام وهو يقول : ( غارت أمكم ) رواه البخاري .
وكلما تزوّج النبي - صلى الله عليه وسلم – بامرأة كانت تسارع بالنظر إليها لترى إن كانت
ستنافسها في مكانتها من رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وكان النصيب الأعظم من هذه الغيرة
لخديجة رضي الله عنها بسبب ذكر رسول الله لها كثيراً .
والحديث عن فضائلها لا يُملّ ولا ينتهي ، فقد كانت رضي الله عنها صوّامة قوّامة ، تُكثر من أفعال
البرّ ووجوه الخير ، وقلّما كان يبقى عندها شيءٌ من المال لكثرة بذلها وعطائها ، حتى إنها تصدّقت
ذات مرّة بمائة ألف درهم ، لم تُبق منها شيئاً .
وقد شهد لها النبي – صلى الله عليه وسلم – بالفضل ، فقال : ( فضلُ عائشة على النساء ، كفضل
الثريد على سائر الطعام ) متفق عليه ومن فضائلها قوله - صلى الله عليه وسلم - لها : ( يا عائشة
هذا جبريل يقرأ عليك السلام ، فقالت : وعليه
السلام ورحمة الله ) متفق عليه
وعلى الرغم من صغر سنّها ، إلا أنها كانت ذكيّةً سريعة التعلّم ، ولذلك استوعبت الكثير من علوم
النبي - صلى الله عليه وسلم – حتى أصبحت من أكثر النساء روايةً للحديث ، ولا يوجد في نساء
أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - امرأة أعلم منها بدين الإسلام .
ومما يشهد لها بالعلم قول أبي موسى رضي الله عنه : " ما أشكل علينا أصحاب محمد - صلى الله
عليه وسلم - حديثٌ قط فسألنا عائشة ، إلا وجدنا عندها منه علماً " رواه الترمذي